مساحة إعلانية

9 مارس 2013

عفوا أنا لا أتكلم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في أحد الأسواق وفي زحمة المتسوقين كان ذلك الشاب - في كامل قوته - يتجول بين المحلات - فمـن
محل إلى آخر كأن له هدفاً يريد أن يصل إليه . . . يدخل المحل بضع دقائق ثم يخرج منه إلى المحل
المجاور وهو يحمل في يده حقيبة ما إن تقترب منه حتى تلفت نظرك تلك الورقة الصغيرة التي علقــها
عـلى صدره (عفــــــواً أنا لا أتــكــلـــم) ..

فما سرّ هذه الورقة ؟؟ وماذا يحمل في يده ؟ ولماذا يتجول بهذه الطريقة .. ؟ إليك خبره كما نقـل . . .
كان طفلاًًَ وديعاً في كامل صحته درس في مدارس كما يدرس غيره ولمّا بلغ السنة السادسة الإبتدائيــة
ابتلاه الله بمرض في حباله الصوتية وبدأ صوته يضعف تدريجيا ًحتى بحّ فلم يعد يقوى على الكـلام . .
وهكذا عاش ذلك الطفل بقيّة أيّامه بلا لسان يتحدث به.. ومع الوقت بدأ أصدقاؤه يتضايقون منــه حيث
أصبح وضعه سلبياً في جلساتهم, يسمع ولا يشاركهم في الحديث .. يضحك ولا يشاطرهم الطــرائـــف
فاستثقلوه وأحسّ بذلك .. فهجرهم ..

كبر الطفل و أصبح يبحث عن الأماكن التي لا يحتاج فيها إلى الكلام فوجد في حضور الدروس العلمية
و المحاضرات التربوية متنفساً جميلاً فأكثر من ذلك وبدأ يتأثر بما يطــرح من أهميــة خـدمـة الإســـلام
والدعوة إلى الله فلم يحقر نفسه ولم يقل أنا معذور بل ساهم في خدمة دينه بما يناسب ظروفه . . فاقتطع
من راتبه اليسير الذي كان يأخذه جراء عمله طابعاً على جهاز الحاسب قدراً شهرياً وخصـصــه لشـــراء
الأشرطة الدعوية والكتيبات التربوية وبدأ يتجول في الأسواق وعلى باعة المحلات وكلما أبصر مخــالفة
أو منكراً اختار الشريط المناسب لذلك وأهداه لصاحب أو حاجة المخالفة بابتسـامة جـمــيلة وأشــــار إلـــى
الورقة المعلقة على صدره ( عفواً أنا لا أتكلم ) ثم خرج وهكذا بشكل أسبوعي . .

أنا لا أدري مم أعجب هل من جلده في الدعوة إلى الله أم من نـظـرتـه الإيـجابيـــة للحياة مع ما أصابه
من إبتلاء ..

ســــــأله أحدهم بعدما تابع تحركاتـــه الدعـــويـــة : هل وجـدت مردوداً أو نتـيـجــة ؟ فكـتـب إلــيــه الشاب
نـعم دخلت محلاً فإذا هو مليء بالمنـكـرات فناصحت البائع من خلال شـريط أعطـيتـه له قـيمـتـه ريـــالان
ثم خرجت وعدت للمحل بعد أشهر وقد نسيت دخولي عليه في المرة الأولى .. ما إن دخلت حتى اسـتقبلني
البائع بوجه بشوش و عانقني و أخذ يقبل رأسي .. اندهشت و أشرت إليه من أنت ؟ لعــلك تــريد غـيـري ..
قال لي : بل أريدك أنت .. ألست الذي أهديتنا هذا الشريط ؟! وأخرجه من جــيه كـــتـــبـــت له : أن نعـــم
قال : يا أخي نحن ثمانية لم نكن نعرف من الإسلام إلا إسمه .. كل المنكرات كـــانــت عنـدنــا .. وبعـد أن
استمعنا إلى شريطك بعد فضل الله ومنه دلنا إلى طريق الله الذي كنا نجهله فهجرنا ما نحن فيه و أحــسـنّــا
العلاقة مع الله .. فجزاك الله عنّا خير الجزاء ..

بعد هذا هل يجد الصحيح المتعلم عذراً في تقاعسه عن خدمة الإسلام ؟؟!!

شارك المقال

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
جميع الحقوق محفوظة لـ كل ما يخص الأنترنت | تصميم: آمني